الفتاوى و الأحكام الفقهية

المشاهدات19 | تاريخ النشر09/14/2022

البيع بالمزاد عن طريق موقع إلكتروني


هذا المشروع بصوره المتعددة الوارد ذكرها بالسؤال جائزٌ شرعًا؛ فهذه صورة بيع المزاد، ولكن بصورة حديثة عن طريق تقنية الشبكة الدولية للمعلومات، وهذا النوع من البيوع واردٌ في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم باع حِلسًا وقَدَحًا وقال: «مَن يشتري هذا الحِلسَ والقَدَحَ؟» فقال رجل: أخذتُها بدرهم. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن يَزِيدُ على درهمٍ؟» فأعطاه رجلٌ درهمين، فباعهما منه. رواه الترمذي.
التفاصيل ....
إذا كان الحال كما ورد بالسؤال: فنفيد بشرعية المشروع المعروض بصوره المتعددة، فهذه صورة بيع المزاد، ولكن بصورة حديثة عن طريق تقنية الشبكة الدولية للمعلومات.
وجمهور الفقهاء يجيزون بيع المزاد، ويستندون في ذلك؛ لما رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي: حَسَن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باع حِلسًا وقَدَحًا وقال: «مَن يشتري هذا الحلس والقدح؟» فقال رجل: أخذتُهما بدرهم. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟» فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه. ثم قال الترمذي: [والعمل على هذا عند بعض أهل العلم؛ لم يروا بأسًا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث] اهـ. "سنن الترمذي".
ويُعرَف هذا النوع من البيع على لسان الفقهاء ببيع المزايدة، أو البيع لمن يزيد،
وهذا البيع ليس من باب البيع على بيع الغير الذي ورد النهي عنه في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» رواه الشيخان.
والمراد بالبيع على بيع أخيه ما قاله الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (13/ 317، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية): [هو أن يَستَحسِنَ المشتري السلعةَ ويهواها ويَرْكَنَ إلى البائع ويميل إليه ويتذاكران الثمنَ ولم يبَقَ إلا العَقدُ والرضا الذي يتم به البيع، فإذا كان البائع والمشتري على مثل هذه الحال لم يَجُز لأحد أن يَعتَرِضَه فيَعرِضَ على أحدهما ما به يُفسِدُ به ما هما عليه من التبايع، فإن فعل أحدٌ ذلك فقد أساء وبئس ما فعل، فإن كان عالمًا بالنَّهي عن ذلك فهو عاصٍ لله] اهـ.
أما في بيع المزايدة فالبائع يعرض سلعته لمن يزيد في سعرها، فربما عَرَضَ شخصٌ عليه مبلغًا ولم يرضَ به البائع فيطلب أكثر منه، فيزيده شخص آخر، وهكذا، وهذا قبل أن يستقر البيع ويرضى البائع بالثمن.
وأمَّا النَّجشُ الذي قد يصاحب بيعَ المزايدة وهو أن يزيد شخصٌ في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، ولكن إنما يفعل ذلك ليَغُرَّ غيرَه فهو حرامٌ، سواءٌ أكان باتفاق بينه وبين البائع أم لا؛ وذلك لما في ذلك من التغرير بالمشتري، فقد جاء في "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النجش" متفق عليه.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري": [وورد في البيع فيمن يزيد حديثُ أنس رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وآله وسلم باع حِلسًا وقَدَحًا وقال: «مَن يشتري هذا الحِلسَ والقَدَحَ؟» فقال رجل: أخذتُها بدرهم. فقال: «مَن يَزِيدُ على درهمٍ؟» فأعطاه رجلٌ درهمين، فباعهما منه. أخرجه أحمد وأصحاب السنن مطولًا ومختصرًا، واللفظ للترمذي وقال: حسن. وكأن المصنف أشار بالترجمة إلى تضعيف ما أخرجه البزار من حديث سفيان بن وهب رضي الله عنه: "سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن بيع المزايدة"؛ فإن في إسناده ابن لَهِيعة، وهو ضعيف. قوله: وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسًا ببيع المغانم فيمن يزيد، وَصَلَه ابنُ أبي شيبة ونحوه عن عطاء ومجاهد. وروى هو وسعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد قال: لا بأس ببيع مَن يزيد، وكذلك كانت تباع الأخماس. وقال الترمذي عقب حديث سيدنا أنس رضي الله عنه المذكور: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لم يروا بأسًا ببيع مَن يزيد في الغنائم والمواريث، قال ابن العربي: لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث؛ فإن الباب واحد والمعنى مشترك. اهـ. وكأن الترمذي يقيد بما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي أخرجه ابن خُزيمة وابن الجارُود والدارقطني من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: "نهى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيع أحدُكم على بيع أحد حتى يَذَرَ، إلا الغنائمَ والمواريث". اهـ. وكأنه خرج على الغالب فيما يُعتادُ فيه البيعُ مُزايَدةً، وهي الغنائم والمواريث، ويلتحق بهما غيرُهما؛ للاشتراك في الحكم. وقد أخذ بظاهره الأوزاعيُّ وإسحاق، فخَصَّا الجوازَ ببيع المغانم والمواريث. وعن إبراهيم النخعي أنه كره بيع مَن يزيد] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم": [وجمهورهم -أي المالكية- على إباحة البيع والشراء فيمن يَزِيدُ] اهـ.
ويحسن هنا أن نورد ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي عن عقد المزايدة: [وحيث إن عقد المزايدة من العقود الشائعة في الوقت الحاضر، وقد صاحب تنفيذه في بعض الحالات تجاوزات دعت لضبط طريقة التعامل به ضبطًا يحفظ حقوق المتعاقدين طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية كما اعتمدته المؤسسات والحكومات وضبطته بتراتيب إدارية.
ومن أجل بيان الأحكام الشرعية لهذا العقد قرر ما يلي:
1- عقد المزايدة: عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداءً أو كتابة للمشاركة في المزاد ويتم عند رضا البائع.

2- يتنوع عقد المزايدة بحسب موضوعه إلى بيع وإجارة وغير ذلك، وبحسب طبيعته إلى اختياري كالمزادات العادية بين الأفراد وإلى إجباري كالمزادات التي يوجبها القضاء وتحتاج إليه المؤسسات العامة والخاصة والهيئات الحكومية والأفراد.
3- إن الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات من تحرير كتابي وتنظيم وضوابط وشروط إدارية أو قانونية يجب ألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
4- طلب الضمان ممن يريد دخول الشراء في المزايدة جائز شرعًا، ويجب أن يردَّ لكل مشارك لم يَرسُ عليه العطاءُ ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز في الصفقة.
5- لا مانع شرعًا من استيفاء رسم الدخول -قيمة دفتر الشروط- بما لا يزيد عن القيمة الفعلية لكونه ثمنًا له.
6- يجوز